المسجد الأقصى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


المسجد الأقصى
المسجد الأقصى احد ثلاثة مساجد تشد إليها الرحال وعنده كان منتهي رحلة الإسراء ومبدأ رحلة المعراج ويقع في مدينة بيت المقدس .

وهو أولي القبلتين – وثالث الحرمين – وواحد من أفخم العمائر الدينية الإسلامية بناء وزخرفة .



نبذة تاريخية :


القدس أو بيت المقدس مدينة السلام (اورسالم )أو حتى لو حرفوه ليكون اورشاليم أو جيروزاليم فالمعنى واحد والاسم واحد لهذه المدينة ذات التاريخ العريق ، سكنها العرب قديما – وحديثا – فقد اعتبر العرب فلسطين جزء من شبه الجزيرة العربية هي ومنطقة الحيرة في العراق .

وقعت المدينة في يد الرومان عام 63 ق. م وكان اليهود احد عناصر سكانها ... وجاء تيتوس فلافيوس القائد الروماني فخرب المدينة بعد أن تمرد اليهود علي الحكم الروماني وأمر تيتوس بطرد اليهود من المدينة المقدسة .

ولما كان عهد الإمبراطور الروماني هادريانوس حرم علي اليهود دخول المدينة منذ عام 135 م
وعاشت القدس في ظل الإمبراطورية الرومانية عصرا وثنيا انتقلت منه إلي العصر المسيحي وفي هذا العصر المسيحي عاشت المدينة ولها مكان مرموق ومركز ديني ممتاز . الأمر الذي جعلها فيما بعد هدفا لضربة دينية عام 614م وجهها الفرس الساسانيون إلي الإمبراطورية الرومانية دمروا فيها المدينة المقدسة وكنيسة القيامة وحملوا معهم الصليب المقدس إلي عاصمة فارس مما جعل اثر هذه الضربة موجعا للرومان .
وجاء هرقل الإمبراطور الروماني ليجدد القوة الرومانية فاندفع ضد أعدائه الفرس يخرب عاصمتهم ويعود بالصليب إلي مكانه انتقاما لما حدث للقدس علي أيديهم .
واستمر الصراع بين الفرس والرومان فأنهك قواهما . وكان هناك في كل من الدولتين عوامل الضعف الداخلية سواء الصراع المذهبي في دولة الرومان أو النزاع علي العرش عند الفرس ، ما كان يؤذن ببداية هدم النظام القديم . وهذا من بين الأسباب التي أتاحت الفرصة للعرب لأول مرة في تاريخهم أن يتحدوا تحت زعامة دينية وسياسية قوية تمثلت في شخصية الرسول العظيم صلي الله عليه وسلم فما أن أكملوا اتحادهم وتأكد ذلك علي عهد أبي بكر رضي الله عنة بعد القضاء علي (الردة) حتى اندفع العرب يغيرون خريطة العالم القديم سياسيا وفكريا واجتماعيا ونشروا الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة وكانت المعركة الحاسمة والفاصلة مع الروم في اليرموك حتى انتصر الحق ، وسقطت الشام كلها بعد ذلك . وكان من ضمن ما سقط في يد العرب مدينة القدس ، وفلسطين كلها ، فيما نسميه هدفا قوميا باستكمال الوحدة العربية ، وتخليص العرب من النفوذ الأجنبي كهدف سياسي آخر .
وقد طلب البطريرك صفرنيوس أن يتسلم الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنفسه مدينة القدس
ووافق الخليفة وحضر فعلا للمدينة وتسلمها وأعطي لأهلها وثيقة الأمان المعروفة .
وتم تنظيف منطقة الحرم الشريف حيث كان خرابا وساعد الخليفة بنفسه في ذلك .
ويقال أن الخليفة كان يزور كنيسة القيامة وحان وقت الصلاة فأشار عليه البطريرك بالصلاة داخل الكنيسة فرفض أمير المؤمنين خوفا من أن يعتبر المسلمون ذلك سببا لكي يحولوها إلي مسجد . فخرج وصلي خارج الكنيسة وفي منطقة الحرم الشريف .
وفي داخل منطقة الحرم بمدينة القدس يوجد اثنان من افخر العمائر الإسلامية مازالتا باقيتين للان ، الأولي وهي قبة الصخرة درة الفنون الإسلامية والمسجد الأقصى واحد من هذه العمائر الإسلامية الرائعة

المسجد الأقصى (الإنشاء الأول )

تشير مصادر التاريخ الإسلامي إلي أن أول من بني المسجد الأقصى هو (يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم )عليهما الصلاة والسلام ، ثم جدده بعد ذلك سليمان بن داود عليهما السلام ، وقد ورد في الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله أي المساجد وضع في الأرض أولا ؟ قال( المسجد الحرام) ، قلت ثم أي ، قال : (المسجد الأقصى )، قلت كم بينهما ؟ قال: ( أربعون عاما ) . ويرجع تجديد هذا المسجد بعد ذلك إلي عهد الخليفة عمر بن الخطاب عام 17 هــ / 638 م ولا يوجد من المصادر ما يمكننا معه وصف المسجد الأقصى في إنشائه الأول
ويمكن القول : أن الأقصى الأول كان بسيطا والبساطة كانت هي السمة المميزة للمنشآت المعمارية الإسلامية المبكرة .

الأقصى الثاني :

وينسب تشييده إلي الخليفة الأموي (عبد الملك بن مروان وابنه الوليد بن عبد الملك ) – عام 90 / 97 ھ .
ويقول الأستاذ عبد الرحيم إبراهيم في دراسة له عن الأقصى : انه كان يتكون من بائكات علي أعمدة رخامية تتجه من الشمال إلي الجنوب وما زال جزء من هذه البائكات قائما للآن وموقعها شرق وغرب القبة وارتفاع أعمدته مع تيجانها عن سطح الأرض 5 أمتار ، أما ارتفاع قمة العقد عن سطح الأرض فيبلغ 9.2 من المتر وفوق كل ثلاثة عقود من البوائك الرئيسية خمس فتحات علي هيئة عقود وعلي بعد 18.4 من المتر من الوجه الداخلي للحائط الشمالي وجدت بقايا حائط سمكة متر واحد ومعني هذا أن المسجد الأقصى كان من الشمال للجنوب 50.8 من المتر بينما عرضه لا يمكن تحديده حيث لا توجد حفريات او وصف
إلا أن للمقدسي وصفا يقول فيه :
انه كان هناك مسجد يحوى بائكات تستقر فوق أعمدة رخامية تمتد من الشمال للجنوب (والبائكة هي صف من العقود المحمولة فوق أعمدة أو دعائم )
ولكن المسجد الأقصى الثاني تعرض لزلزال عام 130 هــ - 747 م سقط معه الجزء الشرقي والغربي من المسجد


الأقصى الثالث :

وظلت هذه الأجزاء من الأقصى مدمرة حتى قامت الدولة العباسية فأعاد الخليفة العباسي - ابو جعفر المصور - بناء المسجد وانفق في بنائه الكثير خاصة في ثمن الألواح الذهبية والفضية التي كانت تكسي بها بوابات المسجد وقد قام المنصور بزيارة القدس وصلي في الأقصى بعد أن أعيد إنشاؤه الذي تم عام 141 هــ - 758 م

الأقصى الرابع :

وقد أعاد الخليفة المهدي العباسي بناء المسجد علي نحو أقوى وأضخم وترك الجز القديم فيه كجانب جمالي واثري ، وذلك عام 163 هــ - 780 م وأصبح للمسجد هذه المرة 26 بابا ويسمى الباب المواجه للمحراب وهو الرئيسي باسم (الباب النحاسي الكبير ) وعلي يمين هذا الباب سبعة أبواب ومثلها علي يساره فيكون المجموع خمسة عشر بابا في الحائط الشمالي
الأقصى الخامس

واستمر الأقصى في مسيرته التاريخية ورحلته الطويلة عبر السنين علي النمط العباسي إلا انه تعرض لضربة جديدة من زلزال آخر عام 1033 م هدمه . ومن ثم كان لابد للأقصى من أن يجدد شبابه مرة أخري فيما يعرف بالإنشاء الخامس
وتولي الإنشاء الجديد الخليفة الفاطمي (الظاهر) عام 1035 م والذي حدث في إعادة البناء أن الظاهر قد عمل علي تصغير مساحة المسجد مع احتفاظه بنفس النمط المعماري العباسي كما بناه (المهدي)

الزخرفة :



وعن الزخرفة فان الفسيفساء قد لعبت دورا كبيرا علي الحوائط والقبة من الداخل . هذا الفن البيزنطي الشهير لعب دورا كبيرا في زخرفة الأقصى فأعطاه مزيد من الرونق والبهاء
وتحتل التفريعات النباتية التي تخرج من الزهريات ثم تنثني وتلتوي وفي بعض الأجزاء تأخذ شكلا حلزونيا – جانبا هاما من الزخرفة بأوراق الاكنتس إلي جانب أشرطة الكتابات بالخط النسخى أو الكوفي
وشملت الزخرفة أعمدة المسجد والأربطة الخشبية والأربطة
والزخرفة تنتشر أيضا علي القبة من الداخل إلي جانب الشبابيك الملونة – كل ذلك يعطي للمسجد رونقا وبهاء فريدين



الأقصى الأسير:



وهذا الأقصى اليوم أسير منذ عام 1967 في يد الصهيونية – أحرقته بعد عامين من أسرها له – فقامت مصر بتجديده وتعميره عام 1969 وأعاد بناء الجانب الشرقي علي نفس النمط العباسي



تم بحمد الله وفضله